حكاية اليد الآثمة التي تريد تفجير مصر..

في الكثير من الأحيان لا أصدق أنني أعيش الواقع.. مصر فوق شحنة ناسفة ..وهناك يد تمتد لتشعل الفتيل.. يحدوني أمل ضعيف أنني في كابوس سوف أستيقظ منه لأجد الأمور مختلفة تماما.. ولكنه للأسف واقع وليس كابوسا..

فالصورة من حولنا باتت سريالية وهستيرية.. طوابير طويلة من السيارات أمام محطات البنزين وقد يمتد الطابور لعدة كيلومترات.. المياه والكهرباء تنقطع باستمرار.. الأسعار ترتفع بشكل جنوني.. والبلطجة صارت سيدة الموقف.. وبعد أن كان المرء في السابق يفتخر أن من معارفه الضابط فلان صار يتباهي بصديقه البلطجي علان..

ينطلق إلى الشوارع الآلاف من الشباب البرئ يجمعون توقيعات لتغيير الأوضاع.. يدعون لمظاهرات سلمية شعارها الصفارة والكارت الأحمر.. فيخرج عليهم البعض مكفرا.. والبعض الآخر مهددا ومتوعدا ومتهما بالعمالة للفلول وقبض الأموال من هذا وذاك..

وتتواتر الأنباء عن تهديدات أمنية مصدرها الحدود الشرقية.. ويعلن الجيش أنه لن يتهاون في حماية مواطنيه.. ويفسر كل طرف موقف المؤسسة العسكرية على هواه.. ويحذر البعض من حكم العسكر في وقت تخرج فيه مظاهرات مؤيدة لهم أمام وزارة الدفاع..

تنطلق مليونية مؤيدة لمرسي شعارها لا للعنف في حين تكشف لنا صور التقطت لها عن تدريبات قتالية وعناصر ترتدي ملابس مجهزة أشبه بالنينجا تيرتلز..

يوجه الرئيس مرسي خطابا طويلا للأمة لقي استحسان مؤيديه في حين أثار سخط وسخرية معارضيه الذين اعتبروا انه اختزل مشكلة البنزين في الجركنين .. والكهرباء في العامل الذي يقبض ٢٠ جنيها.. والانفلات الأمني في عاشور وفودة..كما انه تحدث عن انجازات لا وجود لها وكآنه يتحدث عن بلد آخر..

وفيما بقي علىالثلاثين من يونيو ساعات قليلة.. تنحبس الأنفاس وتتعالى ضربات القلوب.. ولكن مازال الأمل معلقا بانفراجة في اللحظات الأخيرة تنزع فتيل الانفجار..فهل تقع المعجزة..

وهنا يحضرني بالحاح صورة من التاريخ الاسلامي لفرقة عرفت بالخوارج .. عرفوا بالزهد والتقوى والتعصب الأعمى.. وهؤلاء ينظرون للعالم على أنه فسطاطين.. فسطاط الايمان الذي يمثلونه.. وفسطاط الكفر وهو الآخر.. أي آخر..

وهؤلاء خرجوا عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتلوا رسله واغتالوه هو شخصيا.. وكان سيدنا علي رضي الله عنه وسيدنا عبد الله بن عباس قد عجزا عن إعادتهم إلى جادة الصواب..

ولاشك أن عجز سيدنا علي بن أبي طالب وسيدنا عبد الله بن عباس، ومن هو بوزنهما، عن إقناع هؤلاء في الماضي.. يبرر عجز كثير من دعاة اليوم عن إعادة أكثر هؤلاء إلى جادة الصواب.. فالعقول عندما تقفل أبوابها تصبح أشد يباسا من الصخرة الصماء..

إن مظاهرات الثلاثين من يونيو شعارها سلمي وهدفها سلمي وتحظى باعتراف العالم الديمقراطي كله.. ولكن هل يعترف الخوارج بالديمقراطية.. كان أحد خوارج العصر الحديث قد وصف الديمقراطية بأنها كفر.. وهاهي ذي يده تمتد لتشعل الفتيل..

اللهم احفظ مصر من كل من يريد بها السوء.. يا رب العالمين